جريدة النور

السوشيال ميديا سلاح دمار الأخلاق الشامل

-

بقلم/ السعيد حمدي
أدعم بقوة فكرة نظرية المؤامرة لأنها من طبائع البشر و العالم يقوم على المنافسة، و كل دولة تتمنى إضعاف من حولها لتبقى.. و من أهم عناصر تلك المؤامرة الآن ممارسة التسطيح و التتفيه للمجتمعات و التدمير الكامل لمنظومة الأخلاق بداخلها، و خاصة في بلادنا العربية و الإسلامية لأن هذه الأشياء هي أهم ما نملكه و به كنا و بدونه لن نكن أبدا.
و السوشيال الميديا هي السلاح الأهم في تلك المرحلة.
وما نراه من تشجيع غير عادي لكل محتوى تافه و منافي لقيم و أخلاق مجتمعاتنا، و في المقابل محاربة كل ما يواجه تلك الانحرافات و التضييق عليه و حجبه، أو إغلاق الحسابات التي تقدمه يدل بشكل قاطع على أن هناك أمر لابد من الانتباه إليه و الحذر منه.
ذلك فضلا عن الكثير من المواقع التي أصبحت تفسح المجال للإتجار بالبشر في صورة أقبح مما عرفه العالم في القرون الماضية.. أي رخص أكثر من أن تقف فتاة أو سيدة شبه عارية أمام كاميرا لتعرض نفسها للجميع بلا حياء أو خجل من أجل الحصول على نسب مشاهدات تمنحها بعض المال، و أكثرهن لا يحصل على شيىء بحجة عدم إتمام الشروط بعد كل هذه التنازلات التي تموت الحرة جوعا و لا تمنح ابتسامة فقط و ليس جسدها كاملا.. و الأبشع من ذلك أننا نجد هذا من أزواج يقدمون زوجاتهم بهذه الطريقة في مجتمعات لها دين و قيم و مبادئ لا تقبل مجرد أن تخضع المرأة بالقول لرجل غريب عنها.. أو كانت كذلك بكل أسف.
ولكن مع كل هذا فإن اللوم الأكبر علينا نحن الذين نتعاطى مع ذلك المحتوى التافه، و نصنع منه ترندا أو نمنحه ملايين المشاهدات التي تجعل الكثير من هواة الشهرة و الربح بأي ثمن يهرولون إلى هذه المنطقة، ليتطوعوا بإرادتهم للمشاركة في تلك المؤامرة التي لا تهدف إلا لإسقاط المجتمعات و تحويل أبنائها إلى مسوخ يحملون عقولا فارغة و يملكون شخصيات سطحية تافهة.
ولذلك أقول أنه لا يمكن أن يجبرنا أحد على كل ما نشكوا منه لأننا من نصنعه بأيدينا أو بمعنى أدق ننميه و نحوله إلى شيئ مؤثر بأنفسنا.
فهل نفيق حتى ننقذ ما يمكن إنقاذه أم سنظل هكذا في تلك الغيبوبة المميتة إذا طالت؟
وهنا لابد من التأكيد على أن كل ما سبق لا يعني المطالبة بمقاطعة السوشيال ميديا بشكل كامل، و لكن يجب الحذر الشديد في التعامل معها، و عدم الاستغراق فيها لدرجة جعلت البعض يعيش أسيرا لها، و من الممكن أن يبني قناعاته في الحياة من منشورات يقرأها على بعض الصفحات التي لا نعلم من يقف خلف أغلبها و يدعمها و يمولها حتى تصل إلى ملايين المتابعين، و التي تدعو دائما للتشاؤم و لا تتحدث إلا عن خيبة الأمل و الخذلان و جعل من يتابعها يعيش دور الضحية، مما أدى إلى انهيار الكثير من العلاقات الزوجية أو إفسادها تماما، خاصة أننا نجد أن تلك المنشورات موجهة بشكل أكبر للنساء و ذلك لون آخر من ألوان المؤامرة التي تعمل الآن ذاتيا بعدما أصبح الكثير منا يقوم بنشر كل تلك السموم بنفسه و يساعد دون أن يدري في ترويجها.
إذن الحذر كل الحذر، و لا يظن أحد أن كل تلك المنظومة الهائلة صنعت فقط لتسليته أو إفادته، و إنما للسيطرة التامة على عقله و فكره و من ثم انقياده بكل سهولة إلى حيث يراد له دون أن يدري.. و لنتعامل مع الإنترنت بشكل عام كالسكين الذي يمكن أن نستخدمه في المصلحة فقط و لا ننظر إلى الجانب السيء منه.