جريدة النور

البريد المصري نهضة لها ثمن

-

سيد عبد المالك

شهد البريد المصري نهضة غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة وتقدمت خدماته بخطوات متسارعة وشهد تجديدا عمرانيا لكافة فروعه ومبانيه، وواكب هذا التجديد نهضة تكنولوجية تمثلت نتيجتها في انحسار الطوابير الطويلة التي كانت تصطف أمام مكاتب البريد مع بداية كل شهر من أصحاب المعاشات للحصول على معاشاتهم، وجاءت ماكينات (ATM) الخاصة بالبريد المصري لتيسر على أصحاب المعاشات وغيرهم الحصول على حقوقهم بكل يسر وسهولة ، كما انتشرت سيارات الخدمة البريدية في كثير الأماكن لتيسير الحصول على الخدمات البريدية بالقرب من أماكن إقامة المواطنين وهو شيء متميز ذكرني بتلك الخدمة التي يقدمها الشهر العقاري عبر سياراته المتنقلة التي تقدم خدمات الشهر العقاري لكافة المواطنين ، وكل هذا شيء جيد يستحق الإشادة والتقدير بعد أن كانت الخدمات البريدية من زمن يتلخص دورها في بيع طوابع البريد التي تستخدم في ارسال الرسائل واستخدام التلغراف الذي عفا عليه الزمن مع تقدم أنظمة الاتصالات في السماء المفتوحة.
ويبدو أن لكل شىء ثمنا في هذه الأيام وهذا التقدم الحادث في البريد المصري يدفع ثمنه المواطن يوميا ويبدو أن الدوله تريد أن تسدد فاتورة هذا التقدم من جيب المواطن فبعد أن كانت تقدم الخدمة بمقابل زهيد أصبح لكل خدمة مقابل ولكنه مبالغ فيه كما حدث معي حينما طلبت الحصول على حوالة ب ١٨ جنيها لتقديمها لوزارة التربية والتعليم ففوجئت بسداد ٢٨ جنيها وحينما استفسرت عن تلك الزيادة فقال ١٠ جنيهات خدمة بريدية فهل يعقل أن يدفع المرء نحو ٩٠٪ من قيمة الحوالة كخدمة بريدية ، أليس من العدل أن تقدم الخدمة بنسبة معينة وليكن ٥٪ أو ١٠٪ من قيمة الخدمة فتأخذ على العشرين جنيها - مثلا - جنيها أو أقل وليس ٩٠٪ من العشرين جنيها ، كما أن السؤال الذي يتبادر للذهن أليس هناك جهة رسمية تخضع للدراسة والبحث وتقرير الحالة في تقدير هذه الرسوم على مستوى الدولة أم أن كل جهة من حقها فرض الرسوم التي تراها دون الرجوع للجهات الرسمية كمجلس النواب أو مجلس الشورى والجهات العدلية لتكون بالتوافق الرسمي وليس فرض الأمر الواقع فنجد مثل هذه الرسوم أيضا لدى فواتير الكهرباء والماء والغاز وتجد على كل فاتورة نسبة من الضرائب والخدمات ، ولعل من العجائب أن تجد - على سبيل المثال لا الحصر - أن فاتورة الغاز تشتمل على ١٢ جنيها شهريا تؤخذ بدون وجه حق فهي خارج حساب الاستهلاك الفعلي للغاز ، وقد سألت أحدهم فقال أنه ايجار العداد قلت له ايجار عداد ١٢ جنيها كل شهر هل هو عداد من ذهب لندفع له ١٢ جنيها شهريا .
أنها رسوم عجيبة ما أنزل الله بها من سلطان ويجب على مجلس النواب - الجهة التشريعية والتي تعبر عن ملايين المواطنين ممن انتخبوهم عليهم- العمل لصالح المواطن وضبط الزيادات المضطردة في أسعار الخدمات وليسا دورهم الموافقة على كل ما يقدم لهم فلابد من دراسة متأنية لكافة الرسوم على الخدمات المقدمة وإقرار الحق منها وتجنب الباطل فيها.