طه حسين : عميد الأدب العربي وصوت النهضة الفكرية

طه حسين : عميد الأدب العربي وصوت النهضة الفكرية
يُعدّ طه حسين
( 1889 – 1973 ) أحد أبرز رموز الأدب والفكر في القرن العشرين ليس في مصر فحسب بل في العالم العربي بأسره فقد جمع بين دقة الباحث وجرأة المفكر وجمال أسلوب الأديب ليصبح نموذجًا فريدًا للكاتب الذي يُجدد ولا يكتفي بالتقليد لم يكن طه حسين مجرد ناقد للأدب بل كان صاحب مشروع ثقافي شامل هدفه تحرير الفكر العربي من الجمود والانغلاق وإحياء التراث بروح نقدية عقلانية
تميّز فكر طه حسين الأدبي بقدرته على المزج بين الأصالة والمعاصرة فقد درس الأدب العربي القديم بعين الباحث المتعمق وفي الوقت نفسه تأثر بالثقافة الأوروبية الحديثة مما منحه منظورًا واسعًا مكّنه من قراءة التراث قراءة جديدة ومن أبرز مؤلفاته التي أثارت الجدل وأحدثت نقلة في الدراسات الأدبية كتابه في الشعر الجاهلي ( 1926 ) الذي قدّم فيه طرحًا نقديًا جريئًا أعاد من خلاله النظر في الشعر الجاهلي وأصوله التاريخية داعيًا إلى استخدام المنهج العلمي في دراسة الأدب
ومن المحطات البارزة في مسيرته الأدبية كتابه الشهير ( حديث الأربعاء ) الذي صدر في ثلاثة أجزاء في هذا العمل قدّم طه حسين قراءات تحليلية للأدب العربي القديم ولا سيما الشعر بأسلوب يجمع بين العمق العلمي والذوق الأدبي الرفيع لم يكتفِ بعرض النصوص بل كشف عن خلفياتها التاريخية والاجتماعية والفكرية وساهم في إحياء الكثير من الأسماء والموضوعات التي كادت أن تُنسى وقد شكّل هذا الكتاب مرجعًا مهمًا للباحثين والطلاب ونقطة تحول في دراسة الأدب العربي الكلاسيكي بأسلوب حديث
أما مكانته في تطوّر الأدب العربي فتتجلى في سعيه الدائم إلى تجديد مناهج النقد والتعليم الأدبي فقد دعا إلى الفصل بين النصوص الأدبية والتفسيرات التقليدية مؤكدًا ضرورة أن يُدرَس الأدب بوصفه تعبيرًا إنسانيًا وفنيًا لا مجرد وسيلة للوعظ أو الحفظ كما شجع على الانفتاح على الثقافات الأخرى وأكد أن النهضة الأدبية لا يمكن أن تتحقق إلا بالحوار مع العالم دون أن تفقد هويتها العربية الأصيلة
لقد كان تأثير طه حسين عميقًا في الأجيال اللاحقة
إذ ألهم كثيرين من الكتّاب والنقاد الذين ساروا على خطاه واستلهموا منه الجرأة في التفكير والصرامة في المنهج، والصدق في التعبير
لقد كان طه حسين أكثر من مجرد أديب أو ناقد بل كان ضميرًا حيًّا للثقافة العربية ومشعلًا أنار دروب الفكر للأجيال من بعده ترك لنا تراثًا أدبيًا وفكريًا خالدًا يذكّرنا دائمًا بأن الإبداع لا يعرف قيودًا وأن الكلمة الصادقة قادرة على أن تغيّر الوعي وتصنع النهضة
سيبقى طه حسين عميد الأدب العربي علامة مضيئة في تاريخ الأدب ورمزًا للإرادة والعقل المستنير