بوابة النور الاخبارية

العشق الإلهي في مرايا الأدب

الإثنين 27 أكتوبر 2025 04:04 مـ 5 جمادى أول 1447 هـ

منذ العصور الأولى كان الأدب وسيلة الإنسان للتعبير عن أعماقه بينما كان التصوف طريقه إلى السمو والبحث عن الحقيقة وعندما التقى الأدب بالتصوف وُلدت لغة جديدة تجمع بين الفكر والوجدان بين الحرف والروح فصار الأدب الصوفي من أرقى أشكال التعبير الإنساني
التصوف ليس مجرد مذهب ديني بل هو تجربة روحية تهدف إلى تهذيب النفس والوصول إلى معرفة الله بالمحبة والتأمل وقد وجد المتصوفة في الأدب خصوصًا الشعر مجالًا رحبًا للتعبير عن مشاعرهم العميقة فكان كلامهم مزيجًا من الرموز والإشارات التي تحمل معاني العشق الإلهي والفناء في المحبوب
ظهر الأدب الصوفي واضحًا في شعر الحلاج وابن الفارض وجلال الدين الرومي حيث تحوّلت الكلمة إلى طاقة نورانية تنقل القارئ من عالم الحس إلى عالم المعنى يقول ابن الفارض
( زدني بفرط الحب فيك تحيّرا
وارحم حشى بلظى هواك تسعّرا )
تميّز الأدب الصوفي بلغته الرمزية العميقة التي لا تُفهم بالعقل وحده بل بالقلب أيضًا فهو أدب يسعى إلى التواصل مع الله عبر الجمال والصفاء ويعلّم الإنسان أن للكلمة روحًا وأن وراء المعنى الظاهر معنى أعمق لا يُدرك إلا بالتجربة
إنّ التصوف أضاف إلى الأدب العربي بعدًا روحانيًا خالصًا جعله يتجاوز وصف الواقع إلى التأمل في الغيب ويتحوّل من سرد الأحداث إلى التعبير عن التجربة الداخلية وبهذا أصبح الأدب الصوفي مدرسة للجمال الإيماني تُعلّم القارئ أن الفن يمكن أن يكون عبادة وأن الكلمة قد تفتح بابًا من النور إلى السماء
وفي النهاية يبقى الأدب والتصوف وجهين لعملة واحدة كلاهما يسعى إلى تطهير النفس وارتقاء الإنسان نحو المطلق فكما قال جلال الدين الرومي
( الأدب هو أن لا تؤذي أحدًا مهما كان قلبك ممتلئًا بالوجع )