الأحد 28 أبريل 2024 مـ 02:55 صـ 18 شوال 1445 هـ
جريدة النور
نادي النصر الرياضي
نادي النصر الرياضي
رئيس التحرير محمد حلمي

فوضى الشائعات و استهلاك القدرات فى العدم

الإشاعة كانت دائمًا تتمثل فى الخبر أو مجموعه أخبار كاذبة تلقى انتشارًا واسعًا فى المجتمع و تداولًا عامًا يشمل جميع الفئات المثقفه و الغير مثقفة و جميع المستويات تفتقر للمصدر الموثوق
- كانت تروج كنوع من أنواع الحروب النفسيه تشنها الجماعات البشريه أو الدول على بعضها البعض .

- فكانت أخبارًا نثرية سابقًا أشبه بالروايات أتت مع بداية عصر التاريخ لتجمل تاريخ البعض وتضعه فى شكل أسطورى قوي مخيف للآخرين .

- إلا أنها تطورت بتطور العصور تزامنًا مع الحرب العالمية الأولى والثانية ، ولاقت انطلاقة هائلة فى العصر الحديث، تمثلت في وكالات رسمية للأخبار، وضعت صور و أحداث زائفة ومواقف مصطنعة أو تناول نصف المشهد أو تزوير وثائق وخلافه.

- ففاقت سرعتها سرعة البرق وأحدثت انتشارًا ورواجًا لعبت فيها الصحافة سابقًا دور الريادة كمبتز أول ومروج مشوق لإستمالة القارىء ورواج الصحيفه.

- ثم انتقل للوكالات الإعلامية كراعى رسمي للحروب، بل تجاوزت هذا للتربح من خلال الحصول على مشاهدات أعلى بغض النظر عما يعطيه هذا من قيمة سلبية للمجتمع وتبعات هذا السلوك أو هذه الحرب.

- إلا أنه أصبح سلوك الجماعات والأفراد، لاضفاء نوعًا من الأهمية أو هاله عليهم من خلال المنصات المجتمعية للحصول على الإعجابات والمشاركة والمتابعين، قصدها الترويج للذات، أكثر مما يكون قصدها أحيانًا انتشار الشائعه نفسها أو شن الحروب النفسيه.

- فالشائعات كانت وستظل متنفسًا لكلِّ من شعوب العالم والجهات الحاكمة، و لم تعد حرب نفسية فقط، يمارسها الأعداء بين بعضهم البعض، بل انحرفت إلى مجال التنفيس وإثبات الذات ومن ثمة إلى ضياع الجهود والقدرات والوقت من الجانبين.

فالأولى : استخدمتها للتروج إما لغيضٍ استشاط بها من حاكميها، أو لشكوكٍ وفقد الثقة فى مسئوليها ،أو لكرهٍ نال درجة العداء واستفحل ، أو دخان لحريقٍ مستتر فاحت رائحته ، أو صراع مصلحي بحت ، أو حرب جهات خارجية بأيادٍ داخلية ، أو ابتزاز البعض ، أو إنهاك بعض الفئات بالضرر دون غيرها.

- أما الجهات الحاكمة استعملتها أما لجس النبض المجتمعي لفئات معينة، أو استبيان درجة تقبل أمر ما من عدمه أو للتهيئة لحدث ما أو إبعاد التهم عنها أو إزاله مسئول غير مرغوب فيه أو شغل الرأي العام فى أمر ما بعيدًا عن إتجاه الدولة، أو رد الأذى عنها، أو الحرب كسلاح موجه ، أو استعملته للتنبيه، و الحذر تارة وتارة فى التخويف للسيطرة ، بل لجئت لها وتفننت فى إدارة أزمة بأزمة أخرى ألخ .....

- لكن الغريب فى هذا العصر التحور النوعى بين أن تكون حرب نفسية بين الدول مع بعضها البعض إلى حرب الشعوب والحكومات، فاطلقت العنان فى حربها فكان لكل منهم جنود الكترونية تقاتل لأجل غايتها، بل تزيّف الحقائق عن عمد، إلى درجه أن المُتلَقى فقد الثقة فى الاثنين.

- ساعد على هذا تقنيات التكنولوجيا التى حولت
الصور إلى أحداث غير صادقة وقلبت الموازين وأخذت جزء من صور حقيقية لواقع غير حقيقي أو العكس صحيح، بل استخدام كلمات فى غير موضعها فسهل استخدام التزييف بالمونتاج، أما المحترف أو الردىء واصبحت سلعة للتربح.

- فاتجهت الدول إلى التبرير تارة أو التكذيب تارة اخرى، حتى أصبحت عملية إنهاك و إشغال لمقدرات الدولة فى أمور لا تدر بالنفع على المجتمع، بل إنهاك مشترك و ضياع مشترك للطاقات بين المجتمع والحكومات فى جدال عقيم لايثمر بل يضيع الكثير من الوقت والجهود هباءً

- لماذا كل هذا ؟؟!!
هنا السؤال لأن الإعلام بكل أسف فقد مصداقيته فببعض الدولارات تغيرت الولاءات، وهنا كانت النكبة أن الاعلام و الأقلام والوجوه الاعلامية و الصحفية التى نزعت جلدها مرارًا وتكرارًا، تعرت أمام جمهورها، فصعب على المتلقى وضع ثوب يستر عوراتهم؛ بل كانت من حماقات الإعلام و الصحافة استمرار هذه الوجوه؛ و اعتبارهم موظفين لخدمة المواقف و المصالح و الأحداث دون أن تحسب العقول الإعلامية و الصحفية، التى تدير هذه المنظومة مدى خطورة إعادة استخدامها وتدويرها فى التوظيف لأن الإعلام ليس إعادة تدوير شخوص للاحداث وقلبها من النقيض للنقيض تباعًا للأهواء وكفة الميزان الرابحة..

- فقد تناسوا أن الاعلام و الصحافه، خبر يحمل المصداقية وبأفواه وأقلام صادقة معلومة الهوية، و ليست مطموسة بشخوص ليس لها وزنها الفكرى أو تائهة مترنحه بأجندتها الأيدلوجية

- لهذا وجد الشعب من منصات التواصل الاجتماعى مأمن لهم ومحرك لكل رغباتهم ، بل أن المنصات أصبحت هى الرأى العام ولسان الحال المتفوق على الاعلام والصحافه، إلا أنه سرعان ما أصبح ساحه حرب وسجال أسوء من الصحافه والاعلام، و مروج لكل الشائعات و ساحه مبارزة مفتوحة لا قيود فيها ودخلت الأفراد و الدول و الكيانات ضد بعضها البعض.

- للأسف الدول تنبهت متأخرًا لهذا فكانت خطواتها دائماً متأخره.
- بل مكنت المنصات الاجتماعية للتواصل؛ بتحويل الفرد الواحد لجيش قائم بذاته؛ يجر خلفه جنود تابعين لفكره فى كل مكان من بقاع العالم، بل ألغت الحدود والقوانين، و هنا كان مكمن الخطورة لتنوع وتعدد النفوس البشرية و الاهواء والمصالح و الامراض النفسية التى لاقت ترحابًا من جموع هؤلاء .
-فاصبح المًتلقِي بين المطرقه والسندان؛ ما بين مصدق أو مكذب؛ بل لعبت دور فى الشتات المجتمعى و التفرقه بين العوائل و الاصدقاء بين من يؤمن و من لايؤمن بالاحداث والاكاذيب .
- فكثرة الخصومات و العداوات و تحولت ساحات التواصل الاجتماعى لساحات نحر، لكل قيم الصداقة والاخوة بل أحيانًا تفاقمت لدرجة إعلان البراءة من صلة الدماء والقرابة.
ومنهم من أتقى شرّ رحى الحروب النفسية والانهيارات المعنوية ، و نأى بنفسه عن الحديث بالشأن العام ليهرب و ينجو بنفسه؛ و ما تبقى من إيمانه بعيدًا عن ساحات النزال الشائكه
- وهناك من وقف مراقبًا أو ضاحكًا أو ساخرًا أو لاعنًا للجميع.

- فمن حق الإنسانية أن تحيا بسلام ومن حقها أن ترى الصدق لا الأكاذيب، فى عالم أصبح صغير و لكن حجم التشويه كان أعلى من حجم ضبط أداء المشوهين و سرعتهم .

- فالدول مهما كانت قوتها في هذا الزمن أصبحت تمثل فردًا واحدًا أمام أفراد بل جيوش مُجحفَله؛ تنصب لها العداء على منصات التواصل الإجتماعى.

- كيف يمكن للدول نزع فتيل الحرب الدعائية العدائية.
١_استقطاب وتوظيف الشباب الذين يجيدون فن الدعاية المضادة و إعادة تأهيله فيما يفيد ويطور المجتمع وخدمة الإنسانية؛ وليس فى الحرب الدعائيه؛ كاستخدامة فى نشر الوعى أو فى منصات التعليم المختلفه لاجادتهِ الكامله فن توظيف الرسائل .
٢_على الحكومات أن تسلك طريق الشفافية و المصارحة و كلما كانت واضحة السياسات كلما قلت نسبه الشائعات .
٣_ تهذيب الأقلام الصحفية والاعلامية بعدم نشر منشتات كاذبة مشوقة لاستقطاب المتابعين إلى ماهو فارغ المحتوى من العنوان، لابد أن ينسجم مع أهداف القيم العليا للمجتمع .
٤_تجريم الشائعات بكل أشكالها للقضاء على من يغردون بعيدًا عن المصادر الرسميه.
٥- إعادة تغيير ثقافة الصحافة والإعلام نحو معيار الثقة وعرض الحقيقه لكسب المصداقية وعرض متوازن للرأى سواء رأي العامه و رأى الحكومات، فهى منبر لشكوى الناس و أنين الضعفاء والمقهورين المسموع للسلطات و حلقه الوصل بين الحكومه و المواطنين، لبيان قوانين الحكومه وتوجهات الدولة وانجازاتها وطموحاتها نحو المستقبل إلى جانب التوعية والتثقيف وليست ساحه للنزاع والجدال العقيم .
٦_ تجريم هدم المثل والقيم العليا و ماهو موروث فى تاريخنا القديم و القامات و الزعامات لأن هذا الفعل يزلزل كيان المجتمعات؛ بل يزيد من حاله السخط على كل الشخصيات العامة والتاريخية والمثقفة، و فقد قيمه القدوة فى المجتمع بدعاوى كشف الحقائق ..
لأن فقد الثقه والقدوة يضع القيم الانسانيه فى خطر لامحاله .
٧_انتقاء الشخصيات التى تطابق حديثها سلوكها بقدر الإمكان كشخصيات عامة و إعلامية أو صحفية حتى لا تكون الكلمات فى وادٍ والشخصية فى وادٍ آخر، تعانى الانفصام فلا يفقه من القول إلا نشره.