السبت 27 أبريل 2024 مـ 10:09 مـ 18 شوال 1445 هـ
جريدة النور
نادي النصر الرياضي
نادي النصر الرياضي
رئيس التحرير محمد حلمي

الفساد.. آفة مجتمعية

تعالت النداءات في كافة دول العالم إلى إدانة الفساد والحد من انتشاره، هذا الفساد المتفشي في كل أنحاء الدنيا خطر على النمو الاقتصادي والأمن الاجتماعي، والقيم الأخلاقية، هو ظاهرة عالمية لا تخص مجتمعا بذاته أو دولة بعينها. الفساد كلمة تعني سوء استخدام أو استغلال المنصب أو السلطة من أجل تحقيق مكسب مادي أو نفوذ علي حساب الآخرين، كما ينظر إلي الفساد من خلال مفهومه الأعم والأشمل وهو الإخلال بشرف المهنة أو الوظيفة. وتتنوع أشكال الفساد علي كافة الأصعدة، هناك الفساد الإداري الذي يشمل الفساد السياسي والفساد المالي والفساد الأخلاقي، وهناك سرقة الأفكار واختراق حق الملكية الفكرية مقابل المال، وهو نوع أشد خطورة من أنواع الفساد الأخرى، وهو الذي يوجد فى وزارة الثقافة بشكل يزكم الأنوف، وتشيب له الولدان شيبا، وهو ما يتمثل في سرقة الأفكار، والسطو على الملكية الفكرين للآخرين.. إننا هنا ندق جرس الإنذار، ونسلط الضوء على ما يحدث داخل أروقة وزارة الثقافة، كي يتحرك المسئولون، ومن يهمه أمر الإبداع في مصر. التعريف الجامع المانع للفساد هو سوء استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة ، وإصدار قرارات لتحقيق التربح وتحقيق مصالح شخصية علي حساب المصالح العامة، الفساد سلوك بيروقراطي منحرف يستهدف تحقيق منافع ذاتية بطريقة غير شرعية. ومن مظاهر الفساد المالي والإداري وجود خلل في الأداء ومن أمثلتها الربح غير المشروع مثل إعطاء شخص ما ليس من حقه وإعطاء الحق لغير صاحبه مخالفا للقوانين ، وأيضا الإهمال واللامبالاة والسلبية وهدر وقت العمل، وعدم المحافظة على أملاك الدولة والملكية العامة. وعندما يتحكم الفساد بالمجتمع، ويضرب أطنابه فيه، تدخل البلاد فى حلقة مفرغة، حيث يغذى الفساد فى إطارها نفسه بنفسه، وعندها يتعذر السيطرة عليه بسهولة. إن الفساد كالجرثومة الخبيثة تفترس الحكم الجيد، وتقوض أركانه، وتدمر الشرعية السياسية، وتغتصب حقوق المواطنين العاديين وتهمشهم في الحياة السياسية، بل يسهم في تشويه القرار الاقتصادي والسياسى، وتكون الخيارات والقرارات خاطئة، فتتسبب في تحويل الخدمات من الفئات التي هي بأمس الحاجة إليها إلى جماعات المصالح المكتسبة إن ظهور الفساد لا يقتصر على القطاع العام، بل قد يكون أكثر ظهورا في القطاع الخاص وفي مؤسسات المجتمع المدني. والفساد في القطاع العام لا يظهر في مفاصل السلطة التنفيذية، والسلطة القضائية فقط، بل يمكن أن يظهر في ميدان عمل السلطة التشريعية من خلال تجميد المشاريع لأغراض المساومة مثلا، أو في توزيع المناصب الحكومية على أسس حزبية أو طائفية، أو على مقياس الولاء، بغض النظر عن الجدارة أو الكفاءة أو الاختصاص. ورغم أن الفساد قد يحقق مآرب المفسد الشخصية، فإنه لا يكون إلا مقابل ثمن يدفعه. فمن يدفع الرشوة لإنجاز معاملة، فهو يحصل على ذلك نتيجة دفعه مبلغ الرشوة الذي ينبغي ألا يكون مضطرا إلى دفعه لولا الفساد. وعندما يتم تعيين شخص بوظيفة ما بتوسط أحدهم، فهو يضع مستقبله ومعيشته تحت تصرف مرجع الواسطة. وقد يكون الثمن المدفوع ثمنا معنويا أو ماديا أو نقديا، إلا أن الثمن الأكبر الذي يُدفع عن ممارسة الفساد هو ذلك الذي يدفعه المجتمع بكامله، ألا وهو انهيار الوطن، فالأحزاب السياسية لا تلعب دوراً رئيسياً في عملية "الحوكمة" في مصر، مرجعاً ذلك إلى تقييد أنشطتها. إن الفساد مرض معدٍ ينتشر بسرعة بين الناس، إذا ترك وهو في مهده دون علاج، واستمرت ممارسات أفراده دون مساءلة أو عقاب في بيئة تشجع على انتهاج الطريق ذاته. صحيح أنه لا يتساوى فاسد صغير مع فاسد كبير، لكن المأساة تكمن في معاقبة الصغير من الفاسدين، وترك ذلك الفاسد الكبير طليقاً يتمطى في الطرقات، ويواصل أذاه وبث سمومه في الناس والمجتمع، وقد قيل إن من أمن العقوبة أساء الأدب. ولأن الفساد أنواع، ولأن بعض أنواعه أملس وناعم كجلد الأفعى، وبعضها ملون كألوان الحرباء وبعضها لا يظهر منه إلا جزء بسيط، في حين يتغطى باقيه بالماء كجبل الجليد، لذلك كله تبدو المسئولية عن مكافحته أعظم، والمهمة أنبل، والطريق إليها ليس سهلاً، وتتطلب تضافر كل الجهود للوصول إلى غايتها. وعظمة الدول والمجتمعات والشعوب والأمم تتجلى في قدرتها على تنظيف أنفسها من أدران هذا المرض الذي يخلخل الكيانات، ويهز الإرادات، ويضعف تماسك المجتمع، ويؤدي إلى خراب العمران. وقد عملت الكثير من الحكومات على مكافحة هذه الآفة من خلال سن قوانين رادعة لتكون أمصالا قادرة على تدمير فيروسات الفساد، وتحصين جسد المجتمع، وإنشاء أجهزة رقابية تعنى بتطهير المجتمع من هذه الآفة والوقاية منها، وبلادنا ليست بمنأى عن هذه الآفة، إلا أنها كغيرها أخذت تتلمس طرق المكافحة والوقاية. إن الشروع في معالجة الفساد بأشكاله كافة، والتخلص من هذه الظاهرة، سواء أكانت تتعلق بالفساد الإداري، أم الاجتماعي، أم الاقتصادي، أم الأخلاقي، أم باستغلال المناصب العامة، للتخلص من الاختلاسات، والمحسوبية، والرشاوى، والنصب، والاحتيال، وغيرها من أنواع الفساد الناتجة من هذه الظاهرة، يتطلب تطبيق القرارات الصادرة والمضادة للفساد بحزم وبالسرعة المطلوبة، لتكون القوانين والجزاءات الصارمة في انتظار المفسدين. داليا اياد