الأحد 28 أبريل 2024 مـ 12:37 مـ 19 شوال 1445 هـ
جريدة النور
نادي النصر الرياضي
نادي النصر الرياضي
رئيس التحرير محمد حلمي
انطلاق فعاليات ”مهرجان الثقافات والشعوب” الثاني عشر بمشاركة طُلاب من 170 دولة بدعوة من المملكة.. عُقد الاجتماع الوزاري للمجموعة العربية السداسية في الرياض لبحث تطورات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة الزمالك يتأهل لنهائي كأس مصر للكرة الطائرة بعد فوز صعب على الطلائع أصحاب النوايا السيئة فسروها غلط.. محمد عبد المنعم يكشف سر لقطته الغريبة أمام مازيمبي الأهلي يستأنف تدريباته بدون راحة استعدادا لمواجهة الإسماعيلي (صور) رونالدو يقود النصر أمام الخليج بالدوري السعودي آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدفاع بتل أبيب.. ويطالبون بإبرام صفقة تبادل للمحتجزين حكاية طالبة الشروق».. عاقبها والدها بمنعها من الخروج فألقت بنفسها من البلكونة» السجن 3 سنوات للمتهمين في قضية عريس البحيرة مظاهرات حاشدة بمدن وعواصم العالم تنديدا بالعدوان الإسرائيلى المتواصل على غزة مصرع مريض نفسى سقط من الطابق الـ11 فى بورسعيد مفاجأة وراء سبب مشادة محمد صلاح وكلوب

الناقد الفني المغربي فؤاد زويريق يكتب: «الحشاشين».. الحد الفاصل بين التاريخ والدراما

الناقد الفني المغربي فؤاد زويريق
الناقد الفني المغربي فؤاد زويريق

ما زلت أتذكر سنة 2005 عندما عُرض فيلم مملكة السماء» للمخرج ريدلى سكوت، وكيف تعرّض لحملة انتقادات كبيرة من طرف المؤرخين الغربيين، ومهاجمتهم مخرجه ووصفهم له بالمدلس والمزور.. الشىء نفسه أو بدرجة أقل فى فيلم دارين أرنوفسكى نوح»، الذى صدرت ضده فتاوى دينية فى العالم الإسلامى.

فيلم الخروج: آلهة وملوك» لريدلى سكوت انتُقد وهوجم أيضاً وتعرّض لحملات المقاطعة والمنع فى الكثير من الدول الإسلامية، فكلما أنتج فيلم تاريخى أو مستوحى من أحداث تاريخية، تعرّض صانعوه للانتقادات والهجوم، وفى الأخير يُعرض الفيلم ويستمتع جمهوره ويجنى صانعوه أرباحاً خيالية.

هناك حد فاصل بين التاريخ والفن السينمائى والدرامى، ولا يجوز الخلط بينهما، مخطئ من يظن أن باستطاعة التاريخ الاعتماد على الأفلام والمسلسلات لتحقيق المعرفة ونشر الحقائق التاريخية، لكن باستطاعة الفن السينمائى والدرامى الاعتماد على التاريخ لصناعة المتعة والترفيه، والاعتماد هنا ليس حرفياً أو كلياً، بل جزئياً، حيث يختار من التاريخ ما يراه مناسباً له درامياً، مع إضافة بهارات تخيلية تخدم أحداثه وتجعلها قابلة للاستهلاك، إذاً فالحقائق التاريخية فى الفن نسبية وتختلف باختلاف الرؤية الدرامية والفنية لصانع المحتوى.

الحقائق التاريخية لا توجد سوى فى المراجع والكتب والأبحاث الأكاديمية، وليس بالضرورة وجودها فى عمل سينمائى أو درامى، فالتاريخ علم، والسينما أو الدراما فن وترفيه وصناعة وتجارة تخضع للمنافسة ومتطلبات السوق. ومن السذاجة محاكمة عمل فنى ما -سواء كانت هذه المحاكمة قانونية أو شعبية أو دينية- بتهمة التزوير وعدم التزامه بالحقائق التاريخية، فالمفروض أن الفن لا حدود تحده، لأنه ببساطة يعتمد على الخيال، والخيال كما يعلم الجميع أوسع من الكون.

وهذا ما جرى لمسلسل الحشاشين الذى استوحى أحداثه من سرديات متعدّدة تهم شخصية اختلف حولها تاريخياً، بل هناك من يُشكّك فى وجودها أصلاً، الدراما أو السينما كالأدب، فهناك روايات استقت من جماعة الحشاشين أحداثها، ووظفتها بما يتناسب وخطها السردى، ولا أحد طالب بحرقها أو تمزيقها، لأنها زيّفت التاريخ وحورته، مسلسل الحشاشين» أو الحشاشون» تكلم إبداعاً وفناً بلسان تاريخى، ونأى بنفسه عن الدخول فى جدليات فلسفية وفكرية معمّقة متداخلة مع المعارف الدينية لإيصال رسالة ما، فخطابه شفّاف واضح وبسيط، وهذا يظهر جلياً من خلال الحوار المتداول بين الشخصيات، بما فيها العلماء، مما يفسّر لنا أن الاهتمام الرئيسى لصناع العمل هو الصورة بكل أبعادها الفنية، المسلسل فيه اجتهاد فنى واضح، رفعه إلى مقام الدراما المتميزة، ليس فى هذا الموسم فقط، بل فى تاريخ الدراما التاريخية المصرية، وأنا هنا أتكلم إبداعاً وفناً، ومن هذه الناحية فالعمل يستحق المتابعة بما يمنحه لنا من متعة بصرية، يرافقها سرد متقن وسلس للأحداث دون ارتباك حتى الآن، بسبب قوة السيناريو وحبكته المطروزة بعناية، هل أنا بهذا أرمى الورود؟ نعم أنا كذلك، لكن ليس اعتباطاً ولا مجاناً، بل لأن العمل -وبعيداً عن أى جدل بيزنطى- يستحق فنياً وإبداعياً.

المسلسل لا يقدّم لنا صورة بصرية بديعة فقط، ولا إخراجاً محترفاً متماهياً ومتناسقاً مع قوة السيناريو، بل يقدم لنا أيضاً طبقاً متنوعاً وممتعاً من فن التشخيص، من خلال مشخصين موهوبين لهم ما يكفى من رصيد لدى جمهورهم، ككريم عبدالعزيز، الذى أثبت منذ انطلاقته الأولى بأنه ليس ذاك الممثل الصدفة، الذى وجد نفسه فجأة داخل الوسط الفنى بفضل أبيه المخرج محمد عبدالعزيز، بل هو ذاك الشخص الذى اقتحم مجال التمثيل، وهو كله طموح وإرادة لتحقيق الأفضل فى كل عمل يشارك فيه، مشخّص مكافح ومواظب ومداوم على صقل قدراته الفنية، وجعلها أكثر دينامية وليونة للتأقلم مع كل شخصية يؤديها، وهذا ما لمسناه مجدّداً فى هذا العمل، حيث يلبس عباءة التاريخ بكل يُسر وسلاسة، وهناك أيضاً الرائع والكبير فتحى عبدالوهاب، الحربائى أو الجوكر، القادر على ارتداء كل الألوان واللعب على كل الحبال مهما كان طولها وسمكها، فهو يتماهى وينصهر داخل كل نوع من أنواع التشخيص، مهما كانت صعوباته وتعقيداته وتشعباته، وها نحن نراه متقمّصاً دور رجل دولة حقيقى، شخصية نظام الملك بما تشكله هذه الشخصية من كاريزما وسلطة مفعمة بالحكمة والمكر والثبات والنّضج والوفاء.. شخصية جامعة ومركبة أداها فتحى عبدالوهاب بعمق وتميّز لافتين، ولا يقف التشخيص القوى عند كريم عبدالعزيز وفتحى عبدالوهاب فقط، بل العمل يزخر بممثلين آخرين استطاعوا أن يجعلوا من المسلسل حلبة مفتوحة للتنافس الجميل والممتع.

باختصار هذا العمل الدرامى هو فى الأخير عمل فنى ترفيهى، قد تتّفق مع محتواه وقد تختلف، ويبقى لك الاختيار فى مواصلة مشاهدته من عدمها أو البحث عما يروى عطشك، فالقنوات حالياً تعج بمئات الأعمال الدرامية، شخصياً أعتبره عملاً درامياً محترفاً فى كل عناصره، وترمومتراً يُظهر مستوى صناعة الدراما فى مصر، أما من أراد الوقوف على الحقيقة التاريخية فسُبل المعرفة متعدّدة ومتنوعة، وحتماً لا الدراما ولا السينما منها.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1694518953288-0'); });