الأحد 28 أبريل 2024 مـ 07:29 صـ 19 شوال 1445 هـ
جريدة النور
نادي النصر الرياضي
نادي النصر الرياضي
رئيس التحرير محمد حلمي

من أجل حياة أرقى .. عودا حميدا

 

منذ أن أعلنت الحكومة عن اجراءاتها لفك الحظر المفروض في اطار حماية المواطنين من فيروس كورونا الشريروالجميع كان متشوقا لتلك الاجراءات، ورغم البنود الثمانية التي أقرتها الحكومة لإعادة الحياة تدريجيا إلى سابق عهدها لكن أبرزها - في رأيي ورأي الملايين – كان في عودة الصلوات الخمس بالمساجد اعتبارا من السبت مع تعليق الصلوات الرئيسية والذي دخل بالفعل حيز التنفيذ فجر السبت وانتظرت مثل ملايين غيري ان يبزغ فجر هذا اليوم وكلنا شوق لدخول بيت من بيوت الله بعد انقطاع لنحو ثلاثة شهور.

ومن اجمل المناظر التي تسر النفس خروج الناس من منازلهم زرافات وافرادا ملتزمين بالاجراءات من ارتداء الكمامات ومصطحبين مصلاهم الشخصي، الكل متشوق لقيام اول صلاة بعد هذا الانقطاع الذي أجبرنا عليه هذا الوباء القاتل، ومن عجب اننا كنا نلتقي في الطريق ونهنئ بعضنا بعضا بهذه المناسبة التي شعرنا انها عيد وبالفعل كانت عيدا فقد تم توزيع الحلوى على الحضور وتبادلنا التحايا والتهاني في جو اشعرني بقشعريرة تسري في جسدي ذكرتني بالفيديو الشهير لأحد اللاعبين الرياضيين الاجانب والمقيم بإحدى دول الخليج الذي حينما علم بافتتاح المسجد فاذا به يجري نحو المسجد بكل ما أوتي من قوة وهو غير مصدق ويردد طوال الطريق وهو يبكي فرحا (المسجد اوبن) اي المسجد اتفتح للصلاة ، والله لقد وجدت في هذه الصورة صدق الإيمان الذي يملأ القلوب المخلصة، والذي ذكرني أيضا بتلك الصورة التي علقت بذهني لأكثر من ٣٠ عاما ومازالت أمامي رأي العين لأحد ابناء دول شرق آسيا وجدته في حجر سيدنا إسماعيل في أول رحلة عمرة قمت بها وهو يرفع اكف الضراعة يدعو الله بكليته والدموع تنهمر من عينيه لدرجة إنني العربي صاحب اللسان العربي والقرآن الذي نزل بلسان عربي مبين ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم العربي الهاشمي القرشي ورغم ذلك لم اخشع ولا اتذلل إلى الله كما شاهدت هذا الفرد المسلم من ابناء الجنوب الشرقي من العالم وكأن قوة الإيمان ظاهرة بشكل جلي في غير الناطقين باللغة العربية ولعل من باب الاستطراد ان المنافحين والمدافعين عن الإسلام بل والكثير من العلماء الذين خدموا الإسلام وبرعوا في علومه كانوا من بلاد غير عربية كالبخاري والنيسابوري والمودودي وفي العصر الحديث احمد ديدات والدكتور ذاكر نايك الذي أسلم على يديه الآلاف وغيرهم الكثير ممن كان لهم أيادي بيضاء على الاسلام مع عدم إنكار جهود علمائنا العرب في خدمة دينهم .

أعود بعد هذا الاستطراد فأقول إننا لم نعرف قيمة المساجد إلا حينما أغلقت حماية ووقاية من انتشار العدوى ، إن شوقنا للصلاة في بيوت الله لم نكن ندرك قيمته إلا بعد قرار الحظر، فقد كنا احيانا نتراخى عن الصلاة في المسجد واحيانا اخرى تأخذنا مشاغل الحياة فنكسل عن أدائها أو نجمع بين فرضين أو ثلاثة ولكننا حينما حرمنا من الصلاة طول هذه الفترة شعرنا بالحزن العميق على تقصيرنا وتمنينا ان يتم افتتاح المساجد مرة اخرى حتى أنعم الله علينا فكانت الفرحة الكبيرة في عيون كل المصلين الذي انهمرت دموع بعضهم فرحا بالعودة لصلاة الجماعة في بيوت الله ، ومن عجب ان كوفيد 19 قد حرمنا طوال الفترة الماضية من الالتقاء بأخوتنا زملاء المسجد فقد كنا نصلي تقريبا جميع الصلوات معا ونتحادث قليلا عقب كل صلاة في شتى أمور حياتنا، ولما جاءت الكورونا لم نر بعضنا إلا مع صلاة الفجر بعد فك الحظر، وعدنا لما كنا عليه واصبحنا نلتقي في كل صلاة ، فما أجمل العودة للمسجد وإعمار بيوت الله بالمصلين.

ومن اجمل ما شاهدت ليس خوف الناس من الكورونا ولكن الالتزام بما اعلنته الدولة من اتباع الإجراءات من التباعد المقرر وفق العلامات المحددة وارتداء الكمامات واستخدام المصلى الشخصي لكل واحد وكأن الواحد منهم يردد في سره سوف التزم بالتعليمات احسن ما اتسبب في غلق المسجد مرة اخرى واحنا ما صدقنا اتفتح.

ما اجملك من إسلام وما اجمل سماحة معتنقيك وما اعظمها من صورة ، صورة صلاة الجماعة التي افتقدناها لعدة اشهر وما اجمل ان نعود لجوهر ديننا نقيم عماده فريضة ( الصلاة) ، ووقى الله البلاد والعباد شر كورونا وأمثاله من الفيروسات التي تظهر بين الحين والآخر لتوقف بعض الوقت مسيرة الحياة