الإثنين 29 أبريل 2024 مـ 04:06 صـ 20 شوال 1445 هـ
جريدة النور
نادي النصر الرياضي
نادي النصر الرياضي
رئيس التحرير محمد حلمي

أطباء مصر.. رسل الإنسانية ينقذون أرواح الفلسطينيين

تواصل مصر دورها التاريخي في دعم الشعب الفلسطيني والوقوف إلى جانبه في محنته حيث باشر أطباء مصريون منذ الأول من نوفمبر الماضي تقديم العلاج والرعاية الطبية للحالات الفلسطينية المصابة جراء العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة.

وتأتي هذه المبادرة الإنسانية النبيلة ترجمة عملية لدعم مصر الثابت للشعب الفلسطيني الشقيق، ولطالما كانت مصر الدرع الأول والراعي الأساسي للقضية الفلسطينية على كافة الأصعدة، وهذا الدور المصري المشرف يجسد الوحدة بين الشعبين الشقيقين، ويؤكد أن مصر ستظل دومًا إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، مهما طال الزمن أو اشتدت المحن.

في السطور التالية، تحدثنا مع أطباء تطوعوا لعلاج الحالات الفلسطينية التي وصلت من معبر رفع في نوفمبر الماضي، وأكدوا أن أغلب الحالات التي تعاملوا معها كانت لأطفال، ونوعية الحالات ما بين بتر وتسمم في الدم.

خيري: تأكدنا من استخدام أسلحة كيماوية في الحرب على غزة

البداية كانت مع د.عبدالرحمن خيري، تطوع كطبيب مقيم بمستشفيات الشيخ زويد لعلاج مصابي غزة، وذلك من خلال إدارة الرعاية العاجلة بوزارة الصحة، بعد أن قاموا بالإعلان عن حاجتهم لأطباء متطوعين لعلاج إصابات أهل غزة، وكان الأمر في البداية أن الأطباء سيكون تطوعهم داخل غزة نفسها، لكن تم التراجع عن ذلك بعد اشتداد القصف وتدمير المستشفيات هناك، لينتقل أمر التطوع إلى مستشفيات العريش، مشيرًا إلى أنه من أوائل المتطوعين الذين ذهبوا بالفعل في 1 نوفمبر الماضي، وكان عددهم 22 طبيب ما بين تخصصات جراحة العظام وجراحة قلب وصدر والحالات الحرجة والأطفال ورعاية الأطفال، 11 طبيب منهم ذهبوا إلى مستشفى الشيخ زويد والمستشفى الميداني التي تقع بجوارها، وهي الوجهة الأولى للقادمين عبر معبر رفح.

بعض الأطباء المشاركين في التطوع

وقال إن عدد الحالات التي كانوا يتعاملون معها في اليوم الواحد ما يقرب من 15 إلى 20 حالة تقريبًا، ما بين أطفال وسيدات وكبار سن، يتم توزيعهم ما بين الرعاية والعمليات، ثم يتم توزيعهم على الغرف الداخلي للإقامة، وكانت مؤسسة الهلال الأحمر المصري مسئولة عن توفير الملابس لهم والأدوات اللازمة للمعيشة، موضحًا أن أغلب الحالات كان معها مرافقين، مشيرًا إلى أن نوعية الحالات التي تعامل معها كانت عبارة عن بتر أعضاء وتسمم في الدم بسبب عدم الحصول على مضاد حيوي في وقتها، وكان في الأغلب تتم عملية البتر بدون تخدير، وكانت نسب الأطفال هي الأعلى في عدد الإصابات.

وأكد أن أغلب الإصابات التي تعاملوا معها تدل على استخدام أسلحة كيماوية محرمة، فوجدوا تغير لون الجلد، والتسبب في حروق في مناطق مختلفة من أجسادهم، متحدثًا عن أكثر الحالات التي لا يمكنه نسيانها هي طفلة صغيرة فقدت كل عائلتها ولم يتبقَ لها سوى عمتها التي أيضًا لم تكن سليمة بالكامل للاعتناء بها بعد انتهاء علاجهم وعودتهم سالمين إلى بلدهم.

أكد أن مصر هي الدولة الأولى التي تقف بجوار فلسطين، فقد استقبلت مئات الحالات لعلاجهم، وشاركها عدد من الدول العربية لكن لم يتحموا عدد كبير من الحالات مثلما تفعل مصر، منهم دولة قطر والإمارات وتركيا، موضحًا أنهم كانوا يضعوا أمام المريض اختيار الدولة التي يريد العلاج بها خاصة الحالات الحرجة، و"فرنسا" أيضًا كانت ضمن الدول التي شاركت في استقبال حالات من المصابين، موضحًا أن تلك المساعدات لم تتواجد إلا في نهاية الشهر الأول من الاعتداءات بعدما كانت مصر استقبلت وعالجت الكثير من الحالات.

د. عبدالرحمن خيري

جمعة: الفلسطينيين أعطونا طاقة إيجابية

انتقلنا بعد ذلك إلى د.أحمد جمعة، أخصائي الطوارئ، الذي وصف تجربته بالمشاركة في معالجة أبناء غزة على الأراضي المصرية بأنها تجربة إنسانية رائعة لن تُمحى من ذاكرته، موضحًا أنها قد غيرت فيه الكثير على المستوى الشخصي والمهني على السواء، فالصبر في الأشقاء الفلسطينيين سواء الكبار منهم أو حتى الأطفال كان أكثر ما لفت نظره في أبناء غزة وأثر فيه، موضحًا أنه كان يتساءل كيف أمام هذا الألم وهذه الإصابات الخطيرة وهم صامدون هكذا.

الأطباء المتطوعين مع المصابين في غزة

يتذكر جمعة، في حديثه مع "الدستور"، أنه حتى في أوقات انهيارهم بحكم الفطرة الإنسانية وما تقتضيه أمام الآلام التي يتعرض لها الجسد فهم أيضًا يبدون صامدون يبكون بحرقة ثم يعودوا إلى الصمت والصبر والاحتساب من جديد، مؤكدًا أن هناك الكثير ممن يظن أن الأطباء الذين عالجوا الأشقاء الفلسطينيين أصيبوا بحالة نفسية سيئة نتيجة لما رأوه من مشاهد مؤلمة ومفزعة، إلا أن الحقيقة كما يصفها الطبيب مخالفة تمامًا، واصفًا الوضع بقوله: وجودهم أعطانا طاقة إيجابية غير عادية.

وحدثنا بعد ذلك عن الإصابات التي قاموا بعلاجها، فكان أكثر من 90% من الإصابات خاصة بإصابات العظام والتي تدرجت خطورتها من حالات كسور إلى حالات بتر وهي بين أصعب الحالات، متحدثًا عن طفلة عمرها لم يتعد العام الواحد قدر لها بسبب شظية قذفها عليها الاحتلال أن تصاب بشلل رباعي، فكانت أكثر الحالات التي تأثر بها، إذ أصابت هذه الشظية العمود الفقري للطفلة مما جعلها تصاب بالشلل.

وتابع حديثه متأثرًا بما يرويه: عمر الطفلة الصغير وإصابتها المزمنة الخطيرة، واستشهاد جميع أهلها ماعدا عمتها فقط كان سببًا جعل الكثير من الأطباء يتعاطفون معها، لكن لم يكن بأيدينا حيلة لإنقاذها من هذه الإصابة.

وأكد، في ختام كلماته، أن الأطباء المصريين نجحوا في المساعدة في علاج العديد من حالات الأشقاء الفلسطينيين، الأمر الذي بعث نفوسهم السعادة على المستوى الإنساني، لأنهم استطاعوا نقديم المساعدة وإنقاذ بعضًا من الأرواح الزاهقة فيها.

بعض الأطفال الفلسطينيين