الأحد 28 سبتمبر 2025 09:38 مـ 5 ربيع آخر 1447 هـ
بوابة النور الاخبارية
رئيس التحرير محمد حلمي
×

حين يكون الشاعر مسئولا.. محمد ثابت

الأحد 28 سبتمبر 2025 04:28 مـ 5 ربيع آخر 1447 هـ

في أقدم عواصم مصر (منف) البدرشين حاليا بمحافظة الجيزة المصرية نشأ محمد ثابت السيد، حيث بدأت رحلته مع اللغة والكلمة منذ أيام الطفولة الأولى، هناك، في زوايا الكُتّاب، حفظ القرآن الكريم، متشبعًا بروح العربية وعذوبتها، ليشق طريقه نحو اكتشاف أسرار الشعر وأبحر في بحور العروض منذ الصف الثاني الابتدائي. كان له معلموه، علي محمد عكاشة وحسانين عبد الكريم، مثل المنارات التي أضاءت له درب الإبداع، إذ علّماه كيف تصنع الكلمة موزونها وكيف تنساب حروف القصيدة بحركات البحور وأنغام القوافي.

لم يكن الشعر لديه مجرد هواية بل رسالة حياة، فأسس نادي أدب البدرشين، مكانًا تتوحد فيه الأرواح العاشقة للكلمة، يعلّمون فيه عروض الشعر وبحوره، ويخلقون فضاءً أدبيًا يشع بالمعرفة والجمال. لم يتوقف عند هذا الحد، بل أسس مجلة جذور الأدبية التي شهدت ميلاد ولادة أصواتٍ جديدة، ثم مجلة إشراقة الثقافية، التي كانت منبرًا للثقافة العربية الأصيلة.

كما كان للمخرج المسرحي الكبير عبد الرحمن الشافعي دور في مسيرته، إذ اختاره لتأسيس نادي أدب بمنف بالعجوزة، حيث تعزز العمل الثقافي وتوسعت آفاقه في إقليم شمال الصعيد الثقافي، الذي أصبح يُعرف بريادة محمد ثابت في تأسيس نوادي الأدب وإحياء الثقافة والفن، بالإضافة إلى رئاسته لتحرير مجلة جذور بإقليم الصعيد والتي كانت بوتقة لإبداعات كبار الشعراء والأدباء.

عاشق للكلمة الحرة، كتب وإنجز أكثر من 160 كتابًا في مجالات الأدب، الشعر، الفن، التاريخ، علم النفس، السياسة والأدب الساخر؛ ومن دواوينه؛ “قلوب شاعرة”، “ديوان القدس”، “ديوان إلى امرأة طاغية”، “ديوان لماذا أنت”، و”ديوان عروس القمر”. كل ديوان يقص حكاية، وكل قصيدة تحمل رؤى وأفكارًا تتراقص بين الحكي والنبض، بين الصمت والصراخ.

حيث كان له دور كبير في اتحاد كتاب مصر، بوصفه مؤسس شعبة شعر الفصحى ونائب رئيس لجنة إدارة الأعمال، حيث أكد مكانة الشعر الفصيح ورسم معالم جديدة للحركة الأدبية الوطنية في الاتحاد، لا يغفل أيضًا عن إدارة عدة مؤسسات ثقافية، فهو رئيس مجلس إدارة جمعية الإسكان باتحاد كتاب مصر، ومستشار لدار أطلس للنشر والتوزيع، ومؤسس دار الشاعر للنشر والتوزيع التي تعكس تعلقه العميق بمهمة إيصال الكلمة إلى كل بيت.

كما تجلّت شخصيته في الجمع بين إدارة المؤسسات الثقافية ونشر الكتب، وبين التعمق في فن الشعر الذي يرويه بشغف لا يهدأ، ليس فقط بكم الإنتاج بل بصدق التعبير، وجمالية الصورة الشعرية، ورسالته التي تحث على الانتماء والاعتزاز بالهوية العربية.

فإن كل قصيدة له هي نافذة تطل على روح الوطن، تعكس وجدان الأمة، تعبّر عن الحياة بكل تفاصيلها الإنسانية والاجتماعية. رحلته الشعرية تزيد على نصف قرن من العطاء، حيث تلاحقت العقود وحملت كل منها نسماتها، فجاء صوته شامخًا، لا يغيب عن الساحة الأدبية، بل يضيف بكل إصرار …

من أشهر قصائده
قصيدة لا تخجلي
نشرت لأول مرة في مجلة العربي الكويتية ١٩٩٤

لاَ تـَخْجَلِي

لاَ تـَخْجَلِي إِنْ فَـاجَـأَتـْكِ عُـيُـونـِي
أَبـْدَلْـتِ شَـكِّـي فِـي الهَـوَى بـِيقِـينِـي

إِنَّ الجِـرَاحَ عَلَى الـفُـؤادِ تـَعَـوَّدَتْ
وَتـَعَـوَّدَ الـقَـلْـبُ الجِـرَاحَ فَـخُـونـِي

أَظَـنَـنْـتِ أَنـِّي قَــدْ أَمُـوتُ بـِلَـوْعَـتِـي
وَتـَذُوبُ مِـنْ فَـرْطِ الـبُـكَـاءِ جُـفُـونـِي

وَأُقِـيـمُ لَـيْـلِـي وَاللَّهِـيبُ بـِمُهْـجَـتِـي
وَالـيَـأْسُ يـَبْـقَـى أَيـْسَـرِي وَيـَمِينِـي

وَأَظَـلُّ أَشْـكُـو طُـولَ لَـيْـلَى وَالـنَّـوَى
وَأَظَـلُّ أَشْـرَحُ لِلْخَـلاَءِ شُـجُـونـِي

قَـدْ غَـرَّكِ اللَّحْـظُ الَّـذِي لا يـَنْـثَنِـي
إِلاَّ بـِمَـقْـتَـلِ عَـاشِـقٍ مَـفْـتُـونِ

إِنْ كُـنْـتِ لَـيْـلَـى يـَا مَـلِيـحَـةُ فِـي الهَـوَى
فَـلْـتَـحْـذَرِي مِـنْ ثـَوْرَةِ المَـجْـنُـونِ